أدت الرسالة الأسبوعية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع، إلي إثارة نوع من الجدل في الأوساط السياسية بمصر، لما أبداه من اقتراب الجماعة من تحقيق خلافة إسلامية، و التي كان يهدف إليها مؤسسها الإمام حسن البنا، ما زاد المخاوف حيال البرنامج السياسي للقوى الإسلامية التي يتوقع أن تحصد معظم مقاعد البرلمان.
وبينما شكك مراقبون في نية الجماعة بأنها تسعى لإقامة دولة خلافة إسلامية واسعة المدى، فإن بعض أعضاء التنظيم أكدوا في تصريحات لـCNN بالعربية، بأنها ليست خلافة على الأرض بمعناها الحرفي أو تهدف لوجود دولة مركزية وولايات، وإنما يقصد منها تجميع الدول ذات المرجعية الإسلامية على أهداف وسياسات واحدة، وذلك بعد اختيار شعوب الربيع العربي للإسلاميين بالانتخابات واقترابهم من الحكم.
وقال المرشد، في رسالته إلي الجماعة التي استحوذت على نحو 40 في المائة من مقاعد مجلس الشعب في المرحلة الأولى والثانية للانتخابات أن ا"لجماعة اقتربت من تحقيق غايتها العظمى والتي حددها مؤسسها، بإقامة نظام حكم عادل ورشيد بكل مؤسساته ومقوماته، يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية في العالم."
وقال الدكتور صبحي صالح، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لتنظيم الأخوان، إن مصطلح الخلافة الإسلامية هو مصطلح تاريخي وليس ديني أو شرعي.
وأضاف: "هي ليست خلافة بمسماها القديم، ولكن بمنظور أخر يحاكي النظم الحديثة، مثل النظام الفيدرالي في الولايات المتحدة أو ما يشبه الاتحاد الأوروبي، في وحدة الأهداف السياسية و الاقتصادية والاجتماعية، ولكن دون حكومة مركزية.
وأوضح صالح أن الرسالة الأسبوعية للجماعة عن الخلافة الإسلامية جاءت في إطار ما تشهده الدول العربية، وبخاصة دول الربيع العربي من تفضيل الشعوب للتيارات الإسلامية في الانتخابات بتونس والمغرب ومصر، وبالتالي اقترابها من الحكم.
وأضاف صالح أن المعنى الذي أراده المرشد ربما يشير إلى أن الشعوب العربية أصبحت تتجه لأن تكون مرجعيتها و مشروعها النهضوي إسلامي، وبالتالي فإن "الأنظمة الحاكمة ستكون أهدافها واحدة، ما يبعث الروح من جديد في الوحدة العربية،" على حد تعيبره.
كما نفى صابر أبو الفتوح، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، أن يكون الهدف من الفكرة القائمة بأن يقوم "خليفة" بحكم المسلمين من دولة مركزية واحدة، أو أن تكون مثل الخلافة العثمانية، وإنما يقصد بها بحسب المناقشات داخل التنظيم، أن تكون المرجعية الإسلامية حاكمة لكل الشرائع للأنظمة العربية والإسلامية مع الأخذ في الاعتبار خصوصية كل قطر.
من ناحية أخرى، قال أحمد بهاء الدين شعبان، مؤسس الحزب الاشتراكي اليساري، إن فكرة الخلافة الإسلامية لها مدلول تاريخي واضح وليس من ضمنه النظم الفيدرالية، مشيرا إلى أن تجارب الخلافة "توضح أنها دولة إسلامية واسعة المدى يحكمها أمير أو سلطان واحد تخضع جميعها لإدارته."
كما شكك شعبان في نية الجماعة وقال: "إذا كانت تقصد عمل نظام فيدرالي، فإنها كانت ستعلن هذا التعبير المحدد بوضوح، لافتا إلى أن ما تقوم به الجماعة يدخل في إطار الخلط المتعمد للأمور، والكشف عن مشروعهم الذي أعلن عنه المرشد السابق الدكتور، مهدي عاكف، أنه ليس لديه مشكلة في أن يحكم مصر رئيس من ماليزيا على حد تعبيره.
وطالب شعبان الجماعة بأن توضح بدقة ما إذا كانت تريد مصر "إمبراطورية إسلامية" أم "دولة مدنية" لها حدود وعلم ونشيد، لاسيما و أن ما وصفه بـ"خلط الأمور" يمكن أن يتسبب في كوارث