دعا عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية إلى إجراء مراجعة شاملة في الريادة الفكرية للحركة الوطنية الفلسطينية واستملاك القدرة على تحديد الأهداف الإستراتيجية للحركة المذكورة في الظروف الراهنة.
وقال زكي في بيان وصل "معا"، إن ظروف الانفلات الدولي في المراكز الحضارية الغربية واندفاع الأمم والشعوب كافة نحو عالم جديد وعلاقات إنسانية جديدة تمكن من تصفية آثار الاستعمار القديم وخاصة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وجزر القمع والاستبداد المدعوم من القوى الاستغلالية الدولية بين الشعوب النامية والفقيرة وإرساء قواعد الديمقراطية والاختيار الحر في إنشاء الحكومات واختيار المتصرفين بالحق العام والقائمين على إدارة حقوق شعوبهم وحماية الحق والإنصاف بين المواطنين.
وأكد أمام العديد من الكتاب والإعلاميين وكتاب الأعمدة في الصحافة الفلسطينية على أن السمة الأساسية للمرحلة التاريخية التي نعيشها في البلاد العربية هي الثورات الشعبية على المفهوم القديم للديمقراطية الاستعمارية والأنظمة الدساتير التي نشأت في سياقه وأن الارتدادات الموضوعية لهذه الثورات لن تقف عند الحدود التي يتصورها البعض، بل سوف يستمر التفاعل والتغيير حتى الإجهاز على كل ماهو مخالف للطبيعة والحياة وبواعث العقل والمنطق في قوة التاريخ وبالتالي فإن العولمة العسكرية الاقتصادية التي تقودها وتغذيها الشركات العالمية العملاقة العابرة للقارات في المراكز الرأسمالية.
وأنتجت المراكز الرأسمالية إلى جانب قهر الشعوب العولمة المعرفية والحركة الدولية لمناهضة العولمة الظالمة والإندفاع الجاري لنهب الثروات النفطية والطبيعية في الوطن العربي والعالم وان الفوضى الخلاقة كما يدعي القائمون على هذه العولمة لم تمنع شعوبنا من تحقيق أهدافها ولم تحد من اندفاع البشرية نحو إزاحة العالم القديم وأدواته القمعية من وجه المدنية المعاصرة والتقدم والتطوير البشري وبالتالي سوف تتحول كل الحركات والدعوات الشبابية إلى حركات ورؤى سياسية وفكرية واجتماعية جديدة تنتهي في سياقها عقود القهر والاضطهاد وسياسات القطب الواحد والاستكبار والتسلط الاستعماري الأمريكي.
وأشار في ذات السياق إلى ضرورة الأخذ بالشرعية الانتخابية كأساس للشرعية الوطنية والمشروعية التاريخية في العمل الوطني الفلسطيني وإلا أصبحت الحركة الوطنية الفلسطينية في واد والشعب الفلسطيني وقواه الشبابية الحية في واد أخر ودعا إلى عملية تحول جذري في المفاهيم السائدة عن أولويات العالم العربي وادوار القوى السياسية العاملة بين أواسطه الشعبية وضرورة التعامل بحذر شديد مع القوى التي تحاول تعبئة الفراغ نتيجة لإزاحة القوى المستبدة عن مواقعها بفعل الثورات الشعبية وأهمية أن يأخذ الجميع بالشرعية الانتخابية والخيار الديمقراطية الحر بصرف النظر عن الايدولوجيا وقواعد التفكير والتصور الحزبي للأمور كافة.
وفي سياق توضيحه لتحالف القوى الغربية مع الإسلام السياسي في هذه المرحلة أكد عباس زكي على أن المحرك الأساس للسياسة الغربية في منطقة الشرق الأوسط هو المصالح التي تحم هذه السياسة والخطوط الحمراء التي ألتزم الإسلاميون باحترامها وهي عدم الاقتراب من الحقول النفطية والابتعاد عن إحداث إزعاجات على الطرق المؤدية اليه ذهابا وإيابا وأن لا تكون تعبئتهم للفراغ السياسي في البلدان العربية متعارضة مع الرغبة الغربية في إنشاء أنظمة جديدة في الوطن العربي.
وهو الأمر الذي لن يغير من واقع الحال كثيرا لا سيما الإبقاء على الثروات الوطنية في أيدي الغير وارتهان التطور والتقدم الاجتماعي في أيديهم أيضا ورغم ذلك لن تتوقف طموحات الربيع العربي ولن تسقط المنطقة في دائرة الصدفة والاحتمال من جديد، حيث سيتواصل النضال الشعبي حتى استقرار الهرم على قاعدته الطبيعية وفي معرض حديثه عن الدور الفلسطيني في الساحة الليبية ودعم القيادة الفلسطينية للتحولات الجارية.
وأكد عباس زكي على جملة من الحقائق والثوابت المهمة في هذا الشأن أهمها أن ليبيا الجديدة لن تكون لغير فلسطين وقضايا أمتها العربية وان الليبيون كما يؤكد ذلك الشعب والقيادة يولدون من أمهاتهم على ثلاثة ولاءات أساسية الأول ولائهم لمسقط رئسهم ليبيا والثاني ولائهم لفلسطين والثالث ولائهم لأمتهم وحضارتهم العربية وأن القيادة الليبية تتعامل بمساواة كاملة مع أبناء الجالية الفلسطينية أسوة بأبناء الشعب الليبي، كافة حيث أصدرت القيادة قرارها الصائب بإعفاء جميع أبناء الجالية الفلسطينية من رسوم الإقامة السنوية التي تقدر بـ خمسة(500) جنية ليبي وكذلك الرسوم المدرسية والجامعية وعودة جميع موظفي القطاع العام والقطاع الخاص الى وظائفهم وإعادة النظر في تسجيل الأملاك والشركات والأموال بأسمائهم وأن ليبيا الجديدة مفتوحة الأبواب والقلوب لأبناء فلسطين في كافة المجالات وأنها سوف تتعامل معهم كمواطنين ليبين ومستثمرين وصناع وعاملين ليبيين أيضا وفي مجال الدعم والإسناد المادي والمعنوي للقضية الفلسطينية أكد عباس زكي على أن ليبيا الحديثة سوف تضع كل إمكانياتها في خدمة فلسطين والدفاع عن حق شعبها في انتزاع حريته وتقرير مصيره وأنها سوف تستثمر كل علاقاتها على الساحة الدولية لإنجاز ذلك.
وبالتالي فقد دعا عباس زكي إلى مجانية عزل فلسطين عن الثورات العربية والنظام العربي الذي يولد من جديد وأهمية حضورها في هذا النظام وسياساته المستقبلية وفي ختام حديثه دعا الكتاب والصحفيين والمثقفين الفلسطينيين إلى الانفتاح على المرحلة الجديدة والى ضغطهم لإحداث التغييرات المطلوبة في بنية الريادة الوطنية الفلسطينية وطريقة التعاطي مع الأحداث والمستجدات الراهنة وقطع الطريق على القوى المستبدة للاستحواذ على الحركات والثورات الشعبية الجارية في الوطن العربي واستغلالها في غير الصالح الوطني الفلسطيني والصالح القومي على امتداد الوطن العربي الكبير